كان ينط مثل الحسون فوق صفحة الشارع ، ولما أبصر صديقه " هاني " ابتسم واقترب منه وحياه .
.. كان "هاني" مشغولاً بجمع والتقاط الحجارة فلم يرد أو يتحرك.
ـ هاني ماذا تنوي أن تعمل ؟
وتابع :
ـ المعلم يقول دائماً اللعب بالتراب والحجارة يجلب المرض .
.. لم يجبه واستمر يحشو شنطته بالحجارة .
فكر "توفيق" ، نفش قامته وصاح :
ـ آه يا ملعون ، تريد أن تكسر شبابيك المدرسة لا بد أن أقول لأمك .
.. اعتدل هاني ، ارتسمت على وجهه النحيل علامات الجد ، وقال :
ـ أسألك سؤالاً يا توفيق .
.. هبط قلب توفيق وتحفز .
نطر "هاني" إلى ما أبعد من سروات وحيطان المدرسة وسأل :
ـ عندما تسرق شنطتك بدفاترها وأقلامها وكتبها وشقفة الخبز .. ماذا تعمل ؟؟
.. دهش توفيق .. فكر وقال :
ـ أفتش عنها .
بادره هاني :
ـ وعندما لا تجدها ؟
قال توفيق :
ـ أروح للمعلم المشرف وأخبره ليسأل عنها .
ـ وعندما لا يجدها المعلم ؟
أجابه توفيق بعد سكتة :
ـ تختصر أمي من المصروف ويشتري لي أبي غيرها .
.. هز " هاني " رأسه وقال في هدوء غريب :
ـ وعندما لا ترضيك كل حقائب الدنيا بعدها ؟!
.. فكر توفيق ، حيره السؤال .
.. وأدرك وقتها لماذا جمع هاني الحجارة .
خبـر :
.. قام جنود الاحتلال بالتصدي لإحدى المظاهرات وأسفر ذلك عن مصرع أحد الصبية ومما يجدر ذكره أن قوات الاحتلال قد قامت قبل أيام بإبعاد والد ذلك الصبي إلى ما وراء النهر .
تنويه :
يؤكد أهل المخيم لكل زائر ووافد أن شتلة زيتون صغيرة بأغصان مدببة تود لو تندفع وتخرق صدور الأعداء قد نبتت في نفس المكان الذي امتزجت فيه حجارة هاني بدمائه .