صفاء... صديقتي يا زهرة الياسمين...
لا تعرف الأسر ....وساقيها لم تحتجز بعد في الطين
الفت الإطلالة على الناس في كل صباح...
تبذل الشذى للعاشقين...
يسرها أن يختطف المارة لؤلؤ من فمها الباسم دوما...
عقودا...وأقراطا وتيجانا تعلو الجبين...
فهذا طفل لم تطال قامته عروقها...
يرمقها بنظراته كالمحبين...
نسمة عبرت...فرقصت أغصانها طربا...
ورقص قلبه فرحا...
فهذه إحداها تتهادى بقربه
وبرقة جمعها بكفيه الصغيرين...
وناد من بعيد رفيقته...
لقد فزت بنصيبي ليوم ...أو اثنين...
وتلك فتاة وفتى...
يتسابقان على الهوى...
يتخاطفان أزهارها كالمجانين...
وهذه عجوزا عبرت بين العاشقين...
نظرت إليهما بعينتيها الصغيرتين...
خجلت من الفتى وقد رمقها بعين الساخطين...
فتوجهت إلى الفتاة بالقول:...
الحب من أنفاسها تتنشقين؟...
الحب من رحيقها تحتسين؟...
الحب من ثوبها الناصع ترشفين؟...
ترشفين...ولا ترتوين!؟...
مثلك فعلت يوما فاستبشري
بحياة مديدة كالياسمين
صفاء ...حبيبتي ...يا زهرة الياسمين...
هل حقا تعتبين.؟...
التصاقي بالأرض التي عشقت بإرادة الصامدين
نتهامس الأشواق ...حكايات لا تنضب رغم السنين
تمنحينني الظلال لأحفظ بها رطوبتها التي تسكنين
أأنا أرضك التي من خلالها ترتوين؟...تتنفسين؟...
ومن خلالها تستمدين أسباب الحياة...
أم أنا لست أكثر من طين.!؟
هل أنا حقا مجرد طين.؟...
لا ينفع إلا في مرغ جباه الظالمين
بعد إن خلت نفسي طبيبا بارعا ...أو فيلسوفا...أو فنانا
وفي نفسي بعض من ثورة لا تلين...
هل حقا لم أكن سوى حفنة من طين.؟...
يضم بين جنباته أعدادا لا حصر لها
من نطاف الزهور والأعشاب والأشواك...
تتسابق في همة خلف النور....
ورغم الجفاف لا تستكين.!...
لا يهم في سباقها عدد المتساقطين من رفاقها...
ففي كثرتها عطاء لا ينبض ...
تتصيد حبات الندى...لتورق... وتزهر...
وتنتصر رغم ضيق المكان على الطامعين
هل أنا مجرد حفنة طين.؟...
لينة يتفنن الصانع الماهر في دحرجتها...
لتصبح أطباقا وأباريق وأحواضا تسر الناظرين.!؟...
تتقدم موائد الفرسان ...
وفي أنحاء القصور هي ذاتها تتصدر الأرائك
وبرسوماتها تحكي حكايتهم...حكايتها...
بنقوش ورسومات لأعظم الفنانين
ومن ثناياها يفيض عطرك الفواح دوما
ليس له من اسم أجمل مما حملته كأسم الياسمين
نسرين ...يا زهرة الياسمين
تسلقي سور الحديقة حرة...
وانفثي من روحك العطرة
كل الحب...كل الحنين...
لك حديقة الدار كلها...لك الأرض ...لك الجدران...
فارقصي...وامرحي...
فهذه أيامك فاقضيها كيف شئت...
بلا ضجر ولا أنين...
إليك ذراعي فاقبضيها...
بعروقك الغضة كما تشائين...
ليس ضعفا ما حل بي ...
بل هي القوة لازالت جنين
فارضعيها من رحيقك بسمة...
ارضعيها قدر ما تستطيعين...
فليس الشهامة أن نري الناس
بياضنا الناصع...
ونحجز في دواخلنا الطيب عن الآخرين...
جميل ما أنت فيه ...نسرين...
فابقي حرة كسحابة...
لا تعرف لها وطن ولا قرين
قرينك أنا النسمة الوديعة...
فهيا بنا نتفقد العالمين
فلا تسألين بحيرة ...لا تسألين
أأمطر هنا ؟...أم هناك؟...
فلك أن تمطري أين تشائين...
تمطرين ...تمطرين...